فصل: فصل في كيفية ربط الجراحات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في كيفية ربط الجراحات:

أما الجرح والشق الظاهران إذا أردت أن يلتحما فاعمل بما قاله عالم من أهل هذه الصناعة.
قال: إذا أردت أن يلتحم مثل هذا الشق فالزمه رباطاً يبتدىء من رأسين لا غير من الربط فإن كان عظيماً احتجت أن تلزمه رفائد مثلّثة وإن كان الموضع ممتلئاً احتاج إلى الخياطة أيضاً.
والرفائد المثلثة خير في جمع شفة الجرح من المربعة لأنها تضبط على الشق فقط ووضع الرفائد المثلثة على هذا المثال ليكون الشقّ الخط المستقيم بين المثلثين والرفادتان المثلثتان إحداهما ب والأخرى ج يهندمان على الشكل الذي تراه فإذا ربطت هذه المواضع ووقع رباط من رأسين كان ضبط الرباط على موضع الشقّ أشد من أن يكون مربعاً ولا يجوز في ضم الجرح رباط غير ذي الرأسين فهذه هي الرفائد المثلثة وشكل الشدّ هذا: وقيل في كتاب حيلة البرء: كان برجل جرح كان غوره قريباً من الأربية وفوهته قريبة من الركبة فأبرأناه بلا بط البتة بأن جعلنا تحت ركبته مخاد ونصبناه نصبه صارت فوهته منصوبة بسهولة.
وكذا عملنا بجروح كانت في الساق والساعد فبرئت كلها بسهولة قال ومن قد عانى التجربة يعلم أن الجراحات التي تحتاج أن يصير دمها مدة فإن مكثه في داخل إلى أن يتغير معه سائر ما هناك أجود وأسرع للتغير معاً.
الجراحات المتبرية المتباعدة الشقتين تحتاج أن تجمع برباط يجمع شفتيها إِلا أن يكون عليها من ذلك وجع أو تكون وارمة فيتجمع لذلك ولو كان برفق أو يكون عضلة قد انبرت عرضاً فإنه حينئذ لا يجمع بل يجعل في وسطه فتيلة خوفاً أن يلتحم الجلد وتبقي العضلة غير ملتحمة.
قال: وكذلك إذا شققنا جلدة الرأس وضعنا بين الشفتين شيئاً يملؤه وربما انقبضت جلدة الشفاه إلى داخل القرحة فتحتاج حينئذ أن تورم بالرباط أن تجذبه إلى خارج وإذا وقعت الجراحة بالطول فالرباط يبقى ليجمعها جمعاً محكماً وإذا كانت بالعرض احتاجت إلى الخياطة وبقدر غور الجرح يكون غور الخياطة الأولى من زيادة التشريح.
قال: وربما اضطررنا أن نزيد في سعة الجرح إذا كانت نخسة وخفنا أن يكون لغورها يلتحم أعلاها ولا يلتحم قعرها أو يكون العضو المجروح في وقت ما جرح على شكل يكون إذا عاد إلى استوائه لم يمكن أن تسيل منه مدة ولا يدخله دواء وإن رد إلى شكله حين خرج هاج وجع فيضطر أن تشق شقاً موافقاً.
واعلم على الجملة أن ما يقع من الجراحات في عرض العضلة هي أولى بأن يكون تباعد شفتيها أشد فلذلك تكون إلى الاستقصاء في جمع الشفتين أحوج وربما لم يكن بد من الخياطة واستعمال الرفائد المثلثة وخصوصاً إن وقع في اللحم نقصان والواقعة في الطول أقل حاجة إلى ذلك.

.فصل في الأدوية الملحمة للجراح:

هذه الأدوية قد وصفنا قوتها وموضع اتصالها ولا شكّ أن الذرور منها يحتاج أن يكون أقل قوة من المتخذ بالأدهان والقيروطيات والحاجة الداعية إلى الأدهان والقيروطيات هي بسبب أن الأدوية اليابسة وخصوصاً ما كان مثل المرداسنج وسائر المعدنيات لا تغوص إلى القعر ولا تنفذ في المسام فإذا جعل منها قيروطي بلغها سيلان الدهن إلى حيث شئنا.
وهذه الأدوية الملحمة قد تكون من المعدنيات وتكون من النباتيات ومن الحيوانيات ومن كل صنف وهي من المعدنيات مثل الاسفيذاج بدهن الآس والشمع.
ومن النباتيات الأوراق: مثل: ورق البلوط الذكر ضماد أو ورق الخلاف وورق الكرنب وورق شجر التفاح وقشر لحائه وورق لسان الحمل والحلفاء منقعاً بخل أو شيء من شراب وخصوصاً إذا خلط به ورق شجر الصنوبر الذكر والأنثى يربط بلحائه وورق السرو وأغصانه وأوراق فنطافلون مع عسل ومن الصموغ علك البطم خصوصاً بقرب الأعصاب الكثيرة.
ومن الثمرات والحبوب: الجوز الطري مسحوقاً بماء وملح أو شراب مغلي بورق الحماض أو ورق السلق أو الخسّ والكمّثري البرية مع ما فيه من منع النزلة وجوز السرو والثوم المحرق وغبار الرحا والشعر المحرق وخصوصاً للمشايخ مع شمع ودهن ورد ومن الزهر فما يشبه زهر الزعرور وحشيشة ذنب الخيل وخصوصاً في جوار حشو من عضو أو لحم وللجراحات القريبة من رؤوس العضل.
ومن الحيوانات: اللبن الحامض جداً ملصق للجراحات العظيمة ومن المركبات: دواء دياروفس والدهنية ودواء نيقولاس ودواء الخلاف بمشكطرا مشيع ومرهم الكتان.

.فصل في الأدوية المدملة والخاتمة للجراحات وغيرها:

هذه الأدوية قد عرفت طبائعها وتعلم أيضاً أن الذرور منها يجب أن لا يكون في قوة ما يقع في المراهم والآن يجب أن تعلم أن هذه الأدوية لا يجب أن تستعمل وقد استوى سطح اللحم الصلب مع الجلد غاية الاستواء.
وأما اللحم الرطب فقد يستوي ويزيد لكنه يكون بحيث إذا جف نزل بل إنما يجب أن تستعملها في الذي يكون إذا جفّ استوى وهذا شيء يعرف بالحدس فيجب أن تستعمل الدواء المدمل قبل أن يبلغ ثبات اللحم في الجراح التي ينبت فيها اللحم هذا المبلغ فإن المدمل أيضاً قد يزيد في حجم اللحم إلى أن يندمل وتزيد معه القوة الطبيعية فيزداد على هذا المبلغ بل يجب أن يكون بحيث إذا جفف وفعل فعله يكون قد أنبتت الطبيعة المقدار المحتاج إليه مع بلوغ المدمل غايته في الإدمال حتى يكون توافى الفعلين محصلاً من اللحم والجلد المدركين قدر ما يستوي به السطح المجروح فإن لم يراع هذا أوشك أن يصير أثر القرحة أعلى من الجلد يجب أن تستعمل الخاتم في أول ما تستعمله رطباً ثم تستعمله يابساً عندما يقارب الختم تمره عليه بطرف الميل وهذه الأدويه هي مثل: لحاء شجر الصنوبر بقيروطي من دهن ورد أو آس والراتيانج اليابس والقيسور المشوي وقشور النحاس ودقاق الكندر والمرداسنج والقنطوريون الصغير والعروق جيدة والعظام المحرقة أيضاً والزراوند المحرق شديد الإعمال والشب أيضاً والعفص الفج وورق التين.
وقد كنى عنه بقراط برجل العقعق كما قالوا ويشبه أن يكون عنى به الحشيشة المعروفة برجل الغراب وجفر الكلب الآكل للعظام وبعر الضب إلا أنه أجلى من الأول فيحتاج أن يكسر بالقوابض وأصل السوسن الاسم انجوني ولحاء أصل الجاوشير والتوتيا ومن المنبتات العجيبة في القروح الحارة المزاج المتوزمة الصندل والنيلوفر والصبر وخصوصاً في ناحية المقعدة والمذاكير.
وقد يقع في أدويته الزاج والقلقطار وإن كانا من جملة الأكالات الناقصة للحم لكنها ربما أدملت في شديدة الرطوبة وخصوصاً إذا أحرقت فيصير إدمالها ليس أقل من أكلها لا سيما إن غسلت فصارت إلى الإدمال أميل.
وأما الزنجار والأدوية الشديدة الأكل فلا تصلح لذلك إلا بتدبير قوي وفي بعض الجراحات والقروح الشديدة الرطوبة.
وأما النحاس المحرق إذا غسل فهو جيد وخصوصاً المحرق والقلقطار المحرق والمرتك والاسفيذاج.
وأما كيفية اتخاذ ذلك فأن يحل المراسنج والاسفيذاج بالخلّ ثم يستعمل والإقليميا يسحق والأجود أن يحرق ثم يخلط بذلك مع القلقطار ويشرب دهن الآس بالخل أو الشراب القابض وربما زيد عليه الزاج المحرق في الإدمال وإذا أريد أن تتخذ مراهم احتيج إلى ما هو أقوى من بين المدملات مثل الإقليمياء والجلنار والعفص إذا كانت الجراحة والقرحة شديدة صفة مرهم الكتان: وهو جيد عجيب ونسخته: يؤخذ خرقة كتان مغسولة نظيفة فتدق حتى تصير مثل الغبار والكحل ثم يؤخذ زيت قوي القبض أو دهن الآس ويجعل فيه من القنة شيء يسير ويذاب في الدهن ويجعل فيه الخرقة المدقوقة ويجعل منه مرهم فإنه عجيب.
والمرهم الأسود قد ينبت وإذا أردت أن تقوي إنباته فاجعل فيه من الكندر والجاوشير والزراوند المجموعة بالسواء جزءاً يكون مثل وزن الأخلاط الأربعة.
صفة ذرور خفيف: يؤخذ من الاسفيذاج والمرداسنج جزء جزء من خبث الرصاص والمر والعفص من كل واحد نصف جزء.
ذرور آخر: يؤخذ صدف محرق إثنا عشر الرمان الصغار التي سقطت عن الشجر وجفت وقلقديس من كل واحد ستة عشر قرن الأيل محرقاً قيسور إقليميا ريتيانج أصل السوس من كل واحد أربعة دقاق الكندر لحا شجرة الصنوبر من كل واحد ستة قشور الرمان أسفيذاج شب من كل واحد ثمانية عفص واحداً يتخذ من جملة ذلك ذرور.
ذرور آخر: يؤخذ فوة عظام محرقة مرداسنج من كل واحد درهمين كندر وصبر من كل واحد ثلاثة عنزروت ما ميثا درهم درهم يتخذ ذروراً.
ذرور اخر: يؤخذ ورد إسفيذاج الرصاص جلنار زر الورد شب بالسوية.
صفة مرهم لجراحات أبدان المشايخ: وذلك أن يحرق الشعير ويتخذ منه قيروطي بدهن الورد أو دهن الآس بأسفيذاج الرصاص.

.فصل في الأدوية المنبتة للحم في الجراح والقراح:

وقد عرفت خاصية الأدوية المنبة للحم وأنها كيف ينبغي أن تكون في مزاجها ويجب أن تستعمل الأدوية المنبتة للحم وقد نقي الموضع عن الأوساخ ونحوها وإن لم تكن قاعدة الجراحة إلا العظم نقي ذلك العظم ويبس في الغاية ولم يترك فيه كمودة أوفساد إلا قشِر ولا رطوبة إلا جُفّت وخصوصاً في الرأس فإن ملامسة العظم ورطوبته أحد أسباب منع ثبات اللحم عليه وإذا حكّ وخشن كان ما يصير عليه من المادة التي يتولّد منها اللحم أثبت.
واعلم أنه قد يكون دواء ينبت اللحم في بدن أو عضو ولا ينبت في الآخر وذلك لأنه ربما جفّف في بدن ولم يجفف في بدن آخر بحسب مزاجي البدنين وعلى ما علمت كربما أفرط الخلاء في بدن ولم يفرط في بدن ولم يجفف أصلاً إذ كان هذا الدواء يحتاج إلى تجفيف ما وإلى جلاء ما مقدرين بحسب البدن غير مطلقين والشيء المقدر يختلف تأثيره في أشياء ليست متفقة القدر في الانفعال.
وكل مجفف يبسه أقلّ من يبس بدن يعالج به فإنه أيضاً يقصر عن إنبات لحمه بل يكون أيبس منه ولذلك صار الكندر لا ينبت في الأبدان اليابسة التي جاوزت الاعتدال في اليبس.
والبحرية هي التي تعلم بها ما يكون من الجفاف والوقوف أو من نبات اللحم على الاستمرار أو من التوسخ.
فإن رأيت تجفيفاً لا يكاد ينبت معه اللحم فرطب يسيراً وإن وسخ فزد في الدواء اليابس ودع المستمر على قوته.
وربما كان أيضاً لبعض الأبدان مناسبة مع بعض الأدوية غير منطوق بعلّتها فلذلك يجب أن تخلط أدوية شتى ضعيفة وقوية.
وأما اتخاذ المراهم والحاجة إليها فقد علمته ولا يجب أن تقتصر من الدواء على التجفيف والترطيب بل تراعي الكيفيتين الفاعلتين على حسب ما قدمنا ذكره ولا أيضاً على التجفيف والترطيب مع الفاعلتين إلا مع مراعاة مقايسة بين حال القرحة وحال مزاج البدن فإنه قد يكون البدن رطباً والقرحة يابسة وقد يكون البدن يابساً والقرحة رطبة وقد يكونان رطبين وقد يكونان يابسين فتستعمل في الأول ما هو أضعف مثل الكندر ودقيق الباقلاء ودفيق الشعير ونحوه.
وإن كان البدن يابساً والقرحة رطبة جداً فيحتاج إلى أدوية شديدة التجفيف بالقياس إلى الأدوية المنبتة للحم مثل الزراوند وأصل الجاوشير والزاج المحرق وفي الباقي يحتاج إلى المتوسطات كالإيرسا ودقيق الترمس.
وقد يتفق أن يكون بعض الأدوية فيه شيء من خصال تحتاج إليها الأدوية المنبتة للحم من تجفيف وجلاء ولكن يفرط فتصير مثلاً لتجفيفه الشديد حابساً للوضر ومانعاً للمادة ولفرط جلائه أكالاً فإذا خلط به غيره مما يضاده كسر منه وعدله فصار منبتاً مثل الزنجار فإنه إذا قرن به الزيت بالشمع وهما يرطبان العضو ويوسخانه فأومأ تجفيفه وشدة جلائه فصار مدملاً ويجب أن يكون الزنجار جزءاً من عشرة أجزاء من القيروطي إذا استعمل في الأبدان التي هي أيبس وجزءاً من إثني عشر جزءاً إذا استعمل في الأبدان التي هي أرطب ويجب أن تراعي في هذا إذا استعمل أيضاً الإمتحان المذكور.
والمشايخ يحتاجون إلى أدوية فيها حرارة أكثر وجذب أقوى ويقع فيها مثل الزفت والكندر ودقيق الشعير ودقيق الباقلا ودقيق الكرسنة وأصل السوسن والزراوند والإقليميا وخشيشة الجاوشير وإذا امتنع دواء عن النفع ملت إلى غيره فإذا استعصت عالجت بما هو خاص بالقروح.